كتب د - خالد السلامي
نعيش في عالم متعدد الثقافات، وهذا ما يجعله عالمًا مميزً. نعيش في ظل تنوع وتعددية ثقافية في العالم، المجتمع الواحد، أو حت المؤسسة والحدة. فالتنوع الثقافي هو مصدر متميز للتبادل والتجديد والإبداع، ولديه إمكانات هائلة لدفع عجلة التنمية المستدامة. لذلك يحتفل العالم ويحتفي في الواحد والعشرين لشهر مايو من كل عام باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية. وإن كان العالم يحتفل بذلك اليوم، فنحن أولى بترسيخ قيمة التعايش وتقبل التنوع الثقافي بين أفراد المجتمع، فنحن أتباع الدين الذي أمرنا باحترام ثقافات الأخرين. فقد شجعنا ديننا الإسلامي على الحوار، وحثنا على تحقيق كل مقومات التنمية والتقدم.
إن إنشاء جسر لسد الهوة بين الثقافات هي مسألة ضرورية وحرجة لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية. إن التنوع الثقافي يشكّل قوة محركة للتنمية، ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب بل أيضاً كوسيلة لعيش حياة فكرية وعاطفية ومعنوية وروحية أكثر اكتمالاً. إن التنوع الثقافي ليس فقط أمرا حتميا في المجتمعات، بل هو ميزة ضرورية للحدّ من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة. كما أن القبول بالتنوّع الثقافي والاعتراف به والتعايش معه يساهم في خلق الحوار بين الحضارات والثقافات وفي بلوغ تبادل الاحترام والتفاهم بين مكونات المجتمع الواحد، والمجتمعات الأخرى.
التنوع الثقافي ليس مصدرًا للنزاع ونبذ الآخر، بل سبيلا إلى توسيع الأرضية المشتركة التي يشترط تحققها الاعتراف بالآخر وتفهم مشكلاته ومقاصده. ونحن في دولة الإمارات قدمنا نموذجا يحتذى به في تنوع الثقافات واحترام الأخر. تعد الإمارات إحدى أبرز الدول حول العالم الحاضنة للثقافات المختلفة. وكيف لا وقد اتسعت الدولة لأكثر من 200 جنسية مختلفة تعيش على أرضها في تناغم فريد وتفاعل قل نظيره. لقد حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، منذ اللحظة الأولى لنشأة دولة الاتحاد على غرس قيم المحبة، وتعزيز ثقافة التعايش السلمي في الإمارات، لتصبح الإمارات نموذجاً للاستقرار السياسي والاعتدال واحترام الحريات الشخصية. فالتعارف مبدأ حضاري ينسج أواصر التفاهم بين الأمم والشعوب.
كما اتخذت دولة الإمارات من العدالة الاجتماعية واحترام سيادة القانون والمساواة بين جميع سكان الدولة سواء مواطنين أو مقيمين أرضية خصبة من أجل تعزيز مفهوم التنوع الثقافي وحوار الحضارات. وجاء ذلك دعمًا لمساعي دولة الإمارات لخدمة السلام ولترسيخ ثقافة التعايش السلمي والتناغم الإنساني بين شعوب العالم وثقافاته. وقد نجحت الإمارات في التعامل مع كل أشكال العولمة الثقافية بمنهجية علمية وبفكر واع، لتصبح في المرتبة الأولى عالميا في التعايش السلمي بين الجنسيات، كما قطعت أشواطا كبيرة نحو ترسيخ مبدأ التعايش والانفتاح على الآخر وفق استراتيجية محكمة تهدف إلى مد جسور التواصل والتعاون مع مختلفة ثقافات الشعوب الأخرى.
وقد شجعنا ديننا الإسلامي على الحوار وقبول ثقافات الأخرين. إن الإسلام دين يعترف بالتنوع، ويضع له أهمية باعتباره قانونا عمرانيا، وبالتالي فالشريعة تكرسه في مختلف الاتجاهات التطبيقية، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فالإسلام نزل موافقا للفطرة، لأن الله تعالى لن يرتضي لعباده عقيدة لا يقبلها العقل، أو شريعة لا يمكن تطبيقها بسبب تعارضها مع ممكنات الواقع، وقدرات الإنسان وطبيعته.
إن حماية التنوع الثقافي تقتضي من جميع الأطراف الاقتناع بكون القيم والقواعد المشتركة أساسًا للحوار وسبيلا للتلاقي والتعاون بدلا من المجابهة، والانفتاح بدلا من الانغلاق، والتفاهم بدلا من التجاهل. نحن بحاجة للاستناد إلى القيم الأخلاقية في الثقافات المختلفة في إعداد وصياغة منظومة عالمية للأخلاق.
المستشار الدكتور خالد السلامي رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس ذوي الهمم والاعاقه الدولي في فرسان السلام عضو مجلس التطوع الدولي رئيس مجتمع الانترنت الرقمي في دولة الامارات العربيه المتحده وحائز على الجائزه الدوليه لقادة المجتمع لدعم ذوي الهمم وعضو الاتحاد الدولي للمحامين والمستشاريين الدوليين