من نعم الله على عبادة (الشكر) مجلة تبليغ
تبليغ تبليغ

آخر المواضيع

جاري التحميل ...

من نعم الله على عبادة (الشكر) مجلة تبليغ

  إسلام محمد الحفيضي 

من نعم الله على عبادة (الشكر) مجلة تبليغ


خُلُقٌ عظيمٌ، ومقامٌ من مقامات العبادة كريم، أمرَ اللهُ به، ونهى عن ضدِّه، وأثنَى على أهلِه، ووصفَ به خواصَّ خلقِه، وجعلَه غايةَ خلقه وأمرِه. وعدَ أهلَه بأحسن جزائِه، وجعلَه سببًا للمزيد من فضلِه، وحارسًا لنعمه، وحافِظًا لآلائِه.


أهلُه هم المُنتفِعون بآياته، اشتقَّ لهم اسمًا من أسمائِه، هم القليلون من عباده، وحسبُكم بهذا كلِّه فضلاً وشرفًا وعلوًّا. إنه "مقامُ الشكر وفضلُ الشاكرين" -يا عباد الله-.


يقول -عزَّ شأنه-: (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172]، فلا يعبُده حقَّ عبادته إلا الشاكرون.


ويقول -عزَّ شأنه-: (وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152]، ويقول -جل وعلا-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7]، ويقول -عزَّ شأنه-: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ: 13

فقد تحلا بهذا الخلق الانبياء عليهم السلام 

وأولُ أنبياء الله نوحٌ -عليه السلام-، وصفَه ربُّه بقوله: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) [الإسراء: 3]، والخليلُ إبراهيم صاحب الملَّة الحنيفية قال فيه ربُّه: (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [النحل: 121]، ويقول سليمان -عليه السلام- وهو ينظرُ فيما خصَّه به ربُّه من نعمه وسخَّر له من مخلوقاتِه: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل: 19]، ويقول: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 40].


ولقد حرِصَ أنبياءُ الله -عليهم السلام- على تذكير أقوامِهم بهذا المقام العظيم من مقامات العبودية؛ فها هو هودٌ -عليه السلام- يقول لقومه: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأعراف: 69].


ويقول صالحٌ -عليه السلام- وهو يُعدِّدُ على قومِه ما منحَه ربُّهم من مظاهر النِّعَم والقوة: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [الأعراف: 74].

أما نبيُّنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي قد غفرَ الله له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخَّر، فيقومُ لربِّه من الليل حتى تتفطَّر قدماه، ويقول: "أفلا أكونُ عبدًا شكورًا؟!".


وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (18) سورة النحل.


قال السعدي في تفسيرة { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ } عددا مجردا عن الشكر { لَا تُحْصُوهَا } فضلا عن كونكم تشكرونها، فإن نعمه الظاهرة والباطنة على العباد بعدد الأنفاس واللحظات، من جميع أصناف النعم مما يعرف العباد، ومما لا يعرفون وما يدفع عنهم من النقم فأكثر من أن تحصى، { إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } يرضى منكم باليسير من الشكر مع إنعامه الكثير

 اشكروا الله على هذه النعم فإن الشكر سبب لمزيدها وبقائها, وإن كفر النعم سبب لنقصها وزوالها, قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (7) سورة إبراهيم . وقال سبحانه: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} (112) سورة النحل


الشكرُ دليلٌ على صفاء النفس، وطهارة القلب، وسلامة الصدر، وكمال العقل؛ بل إن الله -جل وعلا- خلقَ الناسَ من أجل أن يشكُروه، يقول -جل وعلا-: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 78].

والشكرُ أولُ وصيَّةٍ وصَّى بها الإنسان: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14].

وأخبرَ -عزَّ شأنه- أن رِضاه في شُكره، فقال: (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) [الزمر: 7].

كما جعلَه سببًا من أسباب الأمن من عذاب الله، يقول -عزَّ شأنه-: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) [النساء: 147].

بل لقد خصَّ الله الشاكرين بمنَّته عليهم من بين سائر عباده، فقال -جل وعلا-: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) [الأنعام: 53].

يقول الحسنُ البصريُّ -رحمه الله-: "الخيرُ الذي لا شرَّ فيه: العافية مع الشكر؛ فكم من شاكرٍ وهو في بلاء، وكم من مُنعَمٍ عليه وهو غيرُ شاكِر. فإذا سألتُم الله -عز وجل- فاسألُوه الشكرَ مع العافية

#إسلام_محمد_الحفيضي

التعليقات



موقع داونر ، معلوميات تقنيه تخص كل ما هو جديد فى العالم التقنى ، ,بلوجر,ادسنس ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

تبليغ

2020